السبت، 23 أكتوبر 2010

يتبع سيرة الاعراك

بلغت سيرة وفادة السيد مقبل إلى السودان حد التواتر ، وأجلت الروايات حقيقة العلاقة التي تربطه بالعركيين – الذين كان يتزعمهم في ذلك الأوان الشيخ حسن المعارك.. فقد أكدت أن مقبلا ليس من العركيين ، وأنه من الأشراف، وفد إلى بلاد السودان من المغرب ، وهو في طريقه للحج ، كما أكدت أن الشيخ حسن المعارك ـ زعيم قبيلة العركيين ـ قد ألحف عليه في البقاء بين ظهرانيهم ليعلم أبناء القبيلة أمور دينهم ؛ فلما وافق زوجه ابنته المدعوة سكينة.. وشاءت المشيئة أن تلد له ابنا واحدا ؛ أسماه جده حسن المعارك دفع الله، حين ذهب والده لأداء فريضة الحج بالأراضي المقدسة .. واشتهر دفع الله هذا بالعركي لنشأته بين خئولته العركيين – وكان هذا سبب اللبس الذي استمر عبر الأجيال ، وهو ما حاول الشيخ عبدالله ( العركي ) إجلاءه – رغم أنه هو أيضا اشتهر بالعركي.. وحين عاد مقبل من الحجاز بعد أداء الفريضة وجد ابنه دفع الله صبيا يلعب مع أترابه ؛ فعكف على تعليمه وتربيته حتى أدركته الوفاة، فدفن ببير سرار ، وما زال قبره هناك مقصد الزوار وطالبي الحاجات .. ثم إن مقبلا أوصى ابنه دفع الله بالنزوح شرقا والاستقرار بشاطئ النيل.. فنفذ دفع الله وصية والده بعد وفاته ، ونزح إلى شاطئ النيل الغربي، واستقر أولا بين قبيلة الجميعاب، وثمّ تزوج "هدية بنت عاطف الجميعابية ، وهي أم أولاده الخمسة المشهورين بالعدول.. ثم رحل إلى أبيض ديري ، بالقرب من حاضرة العبدلاب قري" والتي استقر بها قترة محدودة من الزمان ، ما لبث بعدها أن نزح إلى الهلالية، حيث استقر بها حتى توفي، وما زال ضريحه هناك معروفا يرتاده طالبو الحاجات والمدد..
بيد أن أبناء مقبل لم يمكثوا بالهلالية للخلافات التي استحكمت بينهم وبين الرفاعيين ، فرحلوا إلى أم شانق وكيران .. وهناك بدءوا حياتهم العلمية والإرشادية..
وتتصدر الحديث عن المكانة الدينية والعلمية لأبناء دفع الله بن مقبل، سيرة الشيخ عبد الله ( العركي ) الذي يعتبر من أعلم أبناء الشيخ دفع الله بن مقبل – إن لم يكن أعلم أهل زمانه- حيث حفظ القرآن ومبادئ العلوم على أبيه الشيخ دفع الله بن مقبل ، كما تلقى العلم في الشمالية عند الشيخ عبدالرحمن بن جابر، ومكث في معيته سبع سنوات ؛ أجازه بعدها في الإرشاد والتدريس والقضاء على مذهب الإمام مالك، ولكنه لم يكتف بهذه الإجازة، بل نزح إلى بربر وتلقى الفقه على مذهب الإمام الشافعي على الشيخ علي الشافعي الأزهري المشرب، المصري الجنسية.. فأجازه بعد حين في الفقه الشافعي، وقد اختاره سلطان الفونج لتولي القضاء والفتيا على مذهبي الإمامين مالك والشافعي.. وذلك إلى جانب اضطلاعه بمهام التدريس والإرشاد.. وقد قيض للشيخ عبد الله أن يدرس الفقه المالكي في مقام الإمام مالك بالحجاز لمدة اثنتي عشرة سنة.. ولما عاد للبلاد بعد تلك الغيبة الطويلة، سمع بخبر الشيخ تاج الدين البهاري ودعوته للطريقة القادرية، فاتصل به ولكنه لم يسلك الطريق على يديه.. ولكنه بعد حين سافر للحج ( يقال إنه حج أربعاً وعشرين حجة، اثنتا عشرة منها أثناء إقامته بالحجاز، واثنتا عشرة حجة بالسفر القاصد لأداء هذا النسك ) وفي تلك الحجة التقي حبيب الله العجمي، خليفة الشيخ تاج الدين البهاري وسلك عليه الطريقة القادرية، وقد أجازه شيخه في الطريقة، وكلفه بمواصلة نشر الطريقة القادرية بالسودان، التي افترعها شيخه البهاري.. هذا وقد ذكر الشيح محمد النور ضيف الله في طبقاته عدداً مقدراً من مؤلفات ومصنفات وشعر الشيخ عبد الله العركي، ومن المؤسف أن يضيع كل تراثه المتعدد والمتنوع، ولم يبق منه إلا ما ورد بكتاب الطبقات..

هناك تعليق واحد: